نزول آية إكمال الدين في واقعة الغدير
2024-05-01

نزول قوله تعالى: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا] (1) في غدير خمّ بعد التبليغ بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

وقد ذهب إلى ذلك الشيعة الإمامية ورووه هم وغيرهم عن أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم).

وروي أيضاً عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وزيد بن أرقم، ومجاهد. وقد أطال الشيخ الأميني في ذكر من تعرض‌ لذلك من محدثي السنة ومفسريهم (2).

ومن ذلك‌ ما حكاه عن أبي نعيم ‌الأصفهاني في كتابه (ما نزل من القرآن في علي) من‌ أنه روى بسنده عن أبي سعيد الخدري: ((أن‌ النبي (صلى الله عليه وآله) دعا الناس إلى عليّ في غدير خم، أمر بما تحت الشجرة من‌ الشوك فقمّ، وذلك يوم‌ الخميس. فدعا علياً فأخذ بضبعيه، فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. . . الآية].

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، وبالولاية لعلي (عليه السلام) من بعدي، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم‌ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقال حسان: ائذن لي يا رسول لله أن أقول في علي أبياتاً تسمعهن. فقال: قل على بركة الله. فقام حسان فقال: يا معشر مشيخة قريش ‌أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية، ثم قال . . .)) وذكر أبياته الآتية (3).

ويأتي حديث أبي هريرة أيضاً في ذلك ‌عند الكلام في صوم يوم الغدير.

لكن قال ابن كثير: ((وقد روى ابن‌ مردويه من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت على رسول الله (عليه السلام) يوم ‌غدير خم حين قال لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم رواه عن أبي هريرة، وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يعني مرجعه (عليه السلام) من حجة الوداع. ولا يصح لا هذا ولا هذا، بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية أنها أنزلت يوم عرفة. روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأول ‌ملوك الإسلام معاوية ابن أبي سفيان، وترجمان القرآن عبد الله ‌بن عباس، وسمرة بن جندب (رضي الله عنه). . .(4).

وقال السيوطي: ((وأخرج ابن مردويه وابن عساكر بسند ضعيف عن‌ أبي سعيد الخدري قال: لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً يوم غدير خم، فنادى له بالولاية هبط جبرئيل عليه بهذه الآية: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ].

وأخرج ابن مردويه والخطيب ‌وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: لما كان يوم غدير خم، وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة قال النبي (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ] (5).

وقد عقب الشيخ الأميني (قدس سره) على ما ذكراه، وردّ عليهما. وحاول إثبات صحة الحديث على مقاييس جمهور السنة (6).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة المائدة الآية: 3.

(2) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 23: 1ــ 238.

(3) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 232: 1.

(4) تفسير ابن كثير 15: 2 في تفسير الآية.

(5) الدر المنثور 259: 2 في تفسير الآية.

(6) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 402: 1.



في رحاب العقيدة، ج ١، السيد محمد سعيد الحكيم، ص 218ـــ ص220